تعد قيمة العفو والتسامح من أهم القيم الإنسانية العميقة التي تحقق غايات اجتماعية سامية، وتساهم بشكل كبير في إرساء قواعد الحضارات.
ولا ينعكس دورها فقط على المجتمعات وإنما أيضا لها دور عميق في الوصول إلى الراحة النفسية على مستوى الأفراد.
نتحدث في هذا الموضوع عن أثر العفو والتسامح على السلام النفسي ، وأهميته البالغة في الإرتقاء العاطفي والوجداني ، إذ أن العفو والتسامح عدوان لمشاعر الكراهية والغضب التي تدمر الإنسان.
السلام النفسيالفرق بين العفو والتسامح
التسامح يعني تقبل الآخر، والتجاوز عن الأخطاء والزلات، ومحاولة تجنب الصراعات قدر الإمكان عن طريق المحاولات الدائمة لتقريب وجهات النظر والالتقاء على أرضية مشتركة.
العفو يعني الصفح عن من أخطأ في حقك، دون الترصد له، ودون محاولات الانتقام منه، بل ودون حمل ضغائن له ، وهو الأمر الذي يتطلب قوة نفسية وشجاعة كبيرة، و وعيا عميقا بالذات، و تعاطفا عظيما مع الآخرين.
اقرأ أيضا: طرق تمارين التنفس وأنواعها : تساعدك على الاسترخاء والنوم العميق
أهمية التسامح في الإسلام
قيمة التسامح في الإسلام لها أهمية كبيرة، ودين الإسلام إنما هو دين محبة وسلام، وحث على العفو والتسامح.
قال الله تبارك وتعالى:" وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم " .
وقال تعالى :" وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم" وقال سبحانه :" فمن عفا وأصلح فأجره على الله"
قال النبي صلى الله عليه وسلم :" ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".
وقال صلى الله عليه وسلم لرجل قال له أوصني ، قال له :" لا تغضب".
وقال صلى الله عليه وسلم أيضا:" إن الله تعالى عفو يحب العفو"
العفو والتسامحأمثلة عن التسامح في الإسلام
حث الإسلام على العفو والتسامح في الكثير من المواطن، وقرن جزاء العفو بالثواب العظيم من الله، وبالبركة في الدنيا والآخرة ومن أمثلة العفو:
- العفو عن المعتدين عند إقامة الحدود والقصاص.
- العفو عند إنهاء العلاقات الاجتماعية مثل الزواج.
- العفو عن الظالمين وسالبي الحقوق، إذا تمكن منهم الإنسان وقدر عليهم.
- العفو عن من عليه دين من الديون.
- العفو عن من تجاوز في حقك بالغيبة والنميمة.
- العفو في صورة تحرير الإماء والعبيد وعتق الرقاب.
- وغيرها من الصور التي تشمل كل جوانب الدين الإسلامي.
ما هي فوائد التسامح والعفو؟
من أهم تلك الفوائد هي أثر العفو والتسامح على السلام النفسي ، والسلام النفسي يعني الشعور بالراحة النفسية الناتجة عن توازن المشاعر الإيجابية، وتجنب المشاعر السلبية.
أولا : ما أهمية التسامح في حياتنا؟ :
هناك نقطتان أساسيتان في هذا الموضوع:
- أولا: مشاعر الغضب والكراهية تنتج خللا في النظام النفسي، وتجعل الإنسان عرضة لمشاعر سلبية، كالقلق والإكتئاب، وقد يدفعه أيضا لعمل سلوكيات سيئة، مثل الإنتقام.
- ثانيا: على النقيض تماما تأتي مشاعر العفو، والتي تكلف الإنسان وقت مقاومته لغضبه ومشاعره السلبية فقط، وتحرره من أسر الكراهية والحقد، وتجعله ينطلق في حياته بخفة وسلاسة.
- تؤكد الدراسات على أن الأشخاص الذين لديهم قدرة على العفو، يتمتعون بمستويات عالية من الراحة النفسية والسكينة، والانضباط الذاتي، كما أنهم أقل عرضة للاكتئاب والاضطرابات النفسية.
ثانيا: ما أثر التسامح على المجتمع ؟ :
هناك عدة نقاط نطرحها حول أهمية التسامح على الفرد والمجتمع ، كما أوضحنا سابقا أثر التسامح على الراحة النفسية، نوضح أثره على المجتمع كما يلي:
- العفو يقوي العلاقات بين الأفراد، وبالتالي يوطد العلاقات الإجتماعية.
- القدرة على التعبير بحرية عن ما يجول في خاطر الفرد والمجتمع دون الخوف من قسوة الأحكام.
- العفو يعطي للإنسان مساحة للتعلم من أخطائه.
- تعزيز الروابط بين أفراد الأسرة وبعضها البعض.
- بالطبع هناك دور التسامح في تحقيق السلم والامان ، حيث أن العفو يخلق مساحات للتعلم، وتبادل الأفكار، ويربى مجتمعات قائمة على الثقة والإيجابية بدلا من الخوف والسلبية.
العفوكيفية تحقيق التسامح في المجتمع :
لكي تحقق العفو والتسامح ، يحتاج الأمر إلى التدريب المكثف وكذلك يمكنك اتباع ما يلي:
- ادع الله أن يهدي قلبك للعفو.
- حاول أن تتعاطف مع من آذاك وأنه لا يستطيع أن يقدر على نفسه.
- فكر بشكل إيجابي أن الشخص الذي آذاك فيه بعض الصفات الإيجابية أو أنه شخص ضعيف لا يملك من أمر نفسه شيء.
- يمكنك التعبير عن مشاعرك السلبية دون أن تدع لها مجالا أن تجرفك في تيارها.
خاتمة عن التسامح
لا شك أن أثر العفو والتسامح على السلام النفسي له أهمية كبيرة، وقد تحدثنا في هذا الموضوع عن أهمية التسامح وقبول الآخر ، ونرجو أن نكون قد قدمنا المعلومات الوافية التي تساعدك على العفو والتسامح .