تعد الرغبة في الزواج وتكوين أسرة، أمرا طبيعيا لدى الذكور والإناث على حد سواء، وقد تزيد هذه الرغبة الفطرية لدى النساء، بسبب رغبتهن في الأمومة.
في هذا الموضوع، نستعرض مشكلة تأخر الزواج والمخاوف التي تحيط بها، وطرق التعامل معها.
هناك أسباب عديدة وراء مشكلة تأخر سن الزواج نستعرض منها ما يلي:
بسبب تأثير الإعلام، الذي يدعو إلى تخلي الرجل والمرأة عن دورهما الأساسي في بناء الأسرة، بسبب دعوة المرأة للحرية من جهة وتحفيز الرجل على تعدد الزوجات من جهة أخرى، مما يؤدي إلى اختلال التوازن بين الرجولة والأنوثة، وتفضيل كل منهما مصالحه الشخصية على مصلحة الأسرة العليا.
هذا السبب يخيف الفتيات اللواتي لم يخضن في تجربة الزواج من الخوض في هذه التجربة بسبب زيادة احتمال وقوع الانفصال أو الطلاق فيما بعد.. وبالتالي يتأخر سن زواجن.
يشمل هذا التوقعات المثالية من قبل الأهل، أو الفتاة نفسها والتي قد تؤدي إلى إبطاء خطوات الزواج، كونهم يرغبون في تزويج بناتهم بمستويات مادية معينة، ويطلبون أن يكون الرجل المتقدم على مستوى عالي من الثقافة والدين والدرجة الوظيفية والاجتماعية والمادية ونحوه.
يؤدى عدم فهم الهدف الحقيقي من الزواج إلى الزهد فيه والخوف منه، وبالتالي تظهر مشكلة تأخر الزواج.
تعد الأوضاع الاقتصادية المتردية أحد أهم أسباب مشكلة تأخر الزواج ، والذي تجعل من الصعب على الرجل التكفل بمتطلبات الزواج التي تختلف من مجتمع إلى آخر، مع غلو المهور، وتلبية طلبات أهل الفتاة، مع ضعف الرواتب وصعوبة المعيشة وغلو الأسعار.
هناك العديد من الدعوات النسوية الموجهه للنساء الى الاستقلالية، وأنها أفضل من الزواج، لتجنب التوقعات السيئة من ورائه، والتقدم نحو النجاح العملي مع تجاهل كامل للحياة الاجتماعية والفطرية.
هناك موجة منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي تحفز المرأة الاستقلال والحرية والكرامة ونحوه بشكل غير متوازن وغير معقول، وعلى الجانب الاخر تخويف الرجال من الالتزام والمسؤولية وشيطنة المرأة.
هناك أضرار اجتماعية ومشاكل صحية قد تترتب على مشكلة تأخر سن الزواج :
1- النبذ الاجتماعي: تعاني الفتيات اللواتي تعرضن لـ مشكلة تأخر الزواج من النبذ الاجتماعي في بعض المجتمعات، خاصة في مجتمعاتنا العربية.
وقد تعاني من تسلط أفراد أسرتها، وصديقاتها، وربما وقوعها ضحية المقارنة مع مثيلاتها في السن والقرابة.
2- الإجبار على الزواج: قد تتعرض الفتاة لضغوط اجتماعية بسبب تقدمها في السن، ورغبة الأهل في "الاطمئنان عليها" مما يدفعهم إلى تزويجها من رجل غير مناسب، دون رضاها.
3- التنمر: بعيدا عن النبذ الاجتماعي، قد تكون الفتاة التي تأخر سن زواجها اجتماعية، وتحب حضور المناسبات، ولكنها تتعرض للتنمر أثناء المناسبات، وغالبا ما يكون التنمر جيد ظاهرا، كالخوف عليها وتمني الأفضل لها.
4- ظاهرة اجتماعية: مع زيادة عدد الفتيات اللواتي تأخر سن زواجهن والذي يكون متزامنا مع ارتفاع معدلات الطلاق، نلاحظ تراجعا في عدد المواليد مقارنة بالوفيات، والذي يعني شيخوخة المجتمعات التي تعاني منها بعض الدول الأوروبية.
5- الإصابة بالأمراض النفسية: نتيجة الضغط الإجتماعي التي تتعرض لها الفتاة، قد تصاب بالتوتر والقلق والرغبة في الانعزال، و الحزن بسبب تأخر الزواج ، والاكتئاب.
6- الإصابة بالأمراض الجسدية : ناتجة عن القلق الشديد والحزن، مثل أمراض القلب والضغط والسكر، وأمراض المناعة الذاتية، ونحوها.
7- أمراض نسائية ناتجة عن عدم الزواج: سرطانات المبيض والرحم.
كل فتاة تتعرض لهذه المشكلة، ترغب من أعماق قلبها في الوصول إلى علاج مشكلة تأخر سن الزواج ، ولهذا نستعرض من هذه الحلول ما يلي:
1- التقبل: يجب أن تتقبل المرأة أن الزواج في الإسلام ليس فرضا، وأن الحياة ستستمر في كل الأحوال، وأن عدم الزواج لا يعني منقصة في حق أحد، وإنما يعبر عن اختلاف الناس واختلاف أقدارهم.
2- الشعور بالمسؤولية تجاه نفسها: لابد أن تؤمن كل فتاة أنها مسؤولة عن سعادتها واستقرار حياتها ومظهرها الخارجي وتعرف كيف تحب ذاتها ، والرجل يكمل حياتها فقط ، وليس هو المنقذ أو المخلص.
اقرأ أيضا : كيفية استعادة الثقة بالنفس :خطوات عملية لبناء شخصية قوية وناجحة
3- الزواج ليس وسيلة للهروب: إذا كانت الفتاة تعاني من مشكلات اجتماعية في بيت أبيها، لابد أن تؤمن أن شريك الحياة ليس هو المخلص، ولكن لابد من اتخاذ خطوات فعالة وإيجابية إما للتعايش أو لحل هذه المشكلات الاجتماعية ومواجهتها.
4- العيش بشغف: تأخر الزواج رغم الدعاء ، ورغم الأخذ بالأسباب، لا يعطي لك الحق في فقدان الشغف، وفي فقدان الأمل في عيش حياة سوية ، وفي ممارسة هواياتك والاعتناء بنفسك ، لأن لنفسك عليك حق، ولأن الحياة واسعة، وفيها الكثير من الهبات والعطايا.
5- الدعاء: الله خلقنا لكي نعبده، وأساس العبادة الدعاء، لذلك لابد من الدعاء في كل أحوالنا، وإذا تأخر الزواج رغم الدعاء ، فهذا لا يعني الله غاضب أو ساخط بالضرورة، وإنما قد تكون الخيرة في هذا القدر.
6- الصبر: الصبر له جزاء كبير عند الله عز وجل، حيث قال الله تعالى:" إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" ، لأن الصبر على البلايا هو اختبار من الله لمدى قوة المرء ودرجة إيمانه.
ولهذا فكف من تبحث عن جزاء الصبر على تأخر الزواج عليها أن تطمئن إلى قدر الله عز وجل، وتعلم أن فيه الخير، وتصبر صبرا جميلا، لأن الصبر الجميل أيضا له دور هام في تحقيق الأهداف.
يقول الدكتور مصطفى محمود:" تحدينا في الحياة، أن نقاوم من نكره، ونحتمل ما نحب".
وختاما، نؤكد على ضرورة تقبل مشكلة تأخر سن الزواج والتعامل معها على أنها مشكلة عادية، من مئات المشاكل التي تواجه جميع الناس ، ومواساة النفس بأن الجميع لديه ما يحزن لأجله، وأن الحياة لا تقف على شيء أو أحد، وبتقوى الله في جميع أحوالنا.