" كيف توازن الأم بين حب نفسها ورعاية أطفالها؟ سؤال تطرحه الكثير من الأمهات اللاتي يسعين لتحقيق التوازن بين احتياجاتهن الشخصية وبين دورهن كأمهات. في ظل الحياة اليومية المليئة بالمسؤوليات تجد الأم نفسها غارقة في رعاية أبناءها لدرجة أنها قد تنسى نفسها.
في الواقع توازن الأم بين حب نفسها ورعاية أطفالها ليس مجرد رفاهية، بل هو أمر لابد منه لكي تحافظ الأم على صحتها النفسية والجسدية، مما يعزز قدرتها على العطاء بشكل أفضل.
يقع على عاتق الأم العديد من الأدوار التي تقوم بها للحفاظ على الأسرة بدءا من الاعتناء بهم وهم أجنة في بطنها من خلال الاعتناء بصحتها مدة الحمل إلى ان تضعهم وتتوالى مسؤولياتها للاعتناء برضيعها من خلال توفير التغذية السليمة له والاهتمام بملبسه ونظافته وصولا الى منحه الأمان النفسي الذي يكسبه السعادة والطمأنينة، كل ذلك بجانب الأدوار التي تقوم بها الام تناسبا مع عمر الأبناء وما تتطلبه المرحلة العمرية لكل فرد من أفراد أسرتها ومن هذه الأدوار:
تعتبر الام هي المنسق العام لشؤون الأسرة كإعداد الطعام وجميع المهام المنزلية وترتيب الجدول الزمني للأنشطة اليومية والأنشطة الترفيهية وغيرها من المهام التي تتولى مسؤوليتها الأم.
توفر الام بيئة صحية وعاطفية لابنائها حيث تعتبر هي مصدر الدعم النفسي للابناء سواء عبر الاستماع لهم او تقديم التوجيهات والمشورة لهم.
تعتبر الام قدوة لابنائها من خلال تعليمها لهم كيف يتعاملون مع الضغوطات الاجتماعية والمالية وتعليمهم الصبر والمرونة في مواجهة الازمات، بالإضافة الى تعليمهم التحلي بالاخلاق من خلال صدقها وامانتها وحفاظها على اركان الإسلام كالصلاة والزكاة والصوم والحج إن استطاعت، وجميع الفرائض والسنن التي حث عليها القران والسنة.
يمكن أن تقوم الأم بهذا الأدور بشكل أفضل إذا كانت قادرة على أن توازن بين العناية بنفسها واهتمامها بأسرتها. في هذا السياق، يُعد "تعبير عن دور الأم في تربية الأبناء" من الأمور التي تساعد في فهم المسؤوليات الجسيمة التي تتحملها الأم تجاه أبناءها.
حث الإسلام على تربية الأبناء وجعلها مشتركة بينهم فالوالدين اكثر تاثيرا على الأبناء إيجابا او سلبا؛ لانهم اول ماتقع عليهم اعين صغيرهم، والتربية ليست مقتصرة على الام فقط فقال صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل راع في بيته وهو مسؤول عن رعيته،.... والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها.."، ولكن خص الام بالجزء الأكبر لأهميتها البالغة في تربية الأبناء، لكثرة ملازمتها لهم فالطبيعي أن الام تتولى رعاية وتربية الأولاد والأب يسعي لكسب الرزق وهناك استثناءات للام العاملة فمسؤوليتها مضاعفة نظرا لعملها ومسؤولية أبنائها، ويبدء دور الام في تربية الأبناء منذ:
رغب الإسلام في الزواج وحث على حسن اختيار المراة الصالحة قال ص" تنكح المراة لاربع لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك".
اذا حدث خلاف بين الزوجين واستحالت العشرة بينهم وتم التفريق والطلاق فقضى الإسلام بان الزوجة احق بالولد مال تتزوج ،عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي ص " قضى ان المراة أحق بولدها مالم تتزوج"
وذلك لانها ادرى بحضانة اطفالها فقد جبلها الله على الصبر والتركيز، وزرع فيها عاطفة الامومة.
وإذا نظرنا إلى دور الأم في الإسلام، نرى أن عليها مسؤوليات كبيرة في تربية الأبناء وتعليمهم القيم الدينية والإنسانية. فالإسلام يحث ويشجع على تربية الأبناء بأعلى درجات الاهتمام والعناية، ويحث الأم على أن تكون قدوة صالحة لأبنائها، من خلال العناية بنفسها، تصبح الأم أكثر قدرة على أداء هذه المهمة العظيمة.
دور الأم في المجتمع ليس مقتصرا على العناية باطفالها ومنزلها فحسب، بل يمتد إلى المشاركة في الأنشطة المجتمعية وتساهم الام في بناء المجتمع من خلال تشجيع أبنائها على المشاركة في الاعمال التطوعية، وتعليمهم القيم الإيجابية، التي تعزز من مهاراتهم الاجتماعية. وقد تشارك الأم في المجتمع بأدور فعالة من خلال التعليم والعمل في المجالات مختلفة.
هناك رابط كبير بين مفهومي الرعاية والتربية، فكلاهما جزءا لا يتجزأ من كونهما ركيزتان اساسيتان يحتاجهما الطفل، ولكن هناك فارق بينهما،
هي تحمل مسؤولية الطفل في كل مايخص اموره الحياتيه من توفير الماكل والمشروالملبس والمسكن والتعليم والبيئة المناسبة لتنشأته، منذ نعومة أظافره الى ان يصبح قادرا على تحمل مسؤولية نفسه والقيام بمهامه بدون مساعدة الابوين مع مراعاة محاولة تدريب الطفل مبكرا على الاعتماد على نفسه في بعض الأمور السهلة لتعويده مبكرا على تحمل المسؤولية ومشاركة الاخرين.
مفهومها واسع جدا لا يقتصر على كلمة ولا يتلخص في مقال، ولكن المفهوم الموجز لها هي: تعليم بعض السلوكيات الإيجابية التي تعزز شخصية الطفل وتجعله انسانا قادرا على مواجهة التحديات والأزمات التي يتعرض لها مع حفاظه على المعايير السلوكية والأخلاقية، فكلا من الرعاية والتربية يعدان مفهومان اساسيان لمسؤولية الام تجاه أبنائها.
إن توازن الأم بين حب نفسها وتربية أبنائها ليس معناه التخلي عن أي منهما، بل يعني أن تعتني وتهتم الام بذاتها لمواصلة القدرة على العطاء. فالمرأة التي تعتني بنفسها وتفهم معنى صحة الأمومة تكون قادرة على التعامل مع الضغوطات اليومية والتحديات التي تواجهها كأم، ، فالأم التي تمنح نفسها وقتًا من الراحة أو الوقت الخاص بها تكون أكثر قدرة على أداء هذا الدور بفعالية أكبر، ويمكن أن تقوم الام بتخصيص وقت من اليوم لنفسها كي تأخذ قسطا من الراحة، وتمارس بعض الأنشطة التي تحبها.
تساعد هذه الأنشطة الأم في استعادة طاقتها والاستمتاع بوقت خاص لها بعد يوم حافل.
أساليب لتحقيق التوازن:
تربية الأبناء وتلبية احتياجاتهم المتنوعة من الأمور التي تستهلك معظم وقت الام، وإذا لم تستطع الام تنظيم الوقت بشكل جيد، قد تقع في دوامة من الضغوط النفسية والارهاق الشديد؛ من خلال تنظيم الوقت المخصص للأنشطة المختلفة، تستطيع الأم أن تعطي أطفالها ما يحتاجون إليه وتعتني بنفسها أيضا.
لا يمكن للأم أن تقوم بكل شيء بمفردها فالدعم من الزوج، الأمور مهمًا في كيف توازن الأم بين حب نفسها وتربية أبنائها. على سبيل المثال، يمكن للزوج أن يشارك في العناية بالأطفال أو حتى في تنظيم الأنشطة المنزلية، مما يعطي الأم فرصة أكبر لتهتم بنفسها.
من الأمور التي تساعد على أن توازن الأم بين حب نفسها وتربية أبنائها هي التقبل والمرونة، فمن الصعب جدا أن تكون أيامنا كلها مثالية، وقد نعيش الفوضى بعض الأيام ولكن الأم الناجحة هي التي تعرف كيف توازن بين رعاية أبنائها وحب نفسها وكيف تتعامل بمرونة مع أي ظروف صعبة وتتقبل الأوقات الصعبة التي تمر بها الاسرة.
اقرأ أيضا: كيف تحقق الأم التوازن بين الحنان والحزم في التربية ؟
كيف توازن الأم بين حب نفسها وتربية أبنائها؟ هو سؤال معقد، لكن الإجابة تكمن في تخصيص الوقت للاعتناء بالنفس، والبحث عن الدعم عند الحاجة، والتعامل مع المسؤوليات بحكمة ومرونة، توازن الأم بين هذه الجوانب يعزز رفاهيتها ويجعلها أكثر قدرة على رعاية أبنائها وتقديم الأفضل لهم.